مجزرة صبرا وشاتيلا . وصمة عار في جبين التاريخ البشري
صفحة 1 من اصل 1
مجزرة صبرا وشاتيلا . وصمة عار في جبين التاريخ البشري
هل دار في خَلَد سكّان مخيمي صبرا وشاتيلا أن الاجتياح الصهيوني للبنان، الذي ابتدأ في 4-6-1982م، سينجلي عن أكوام من جثثهم، على مذبح إثبات الهوية والذات؟
وهل علموا أن الاتفاق، الذي تمّ بضمانات أمريكية، وأسفر عن جلاء المقاتلين الفلسطينيين عن بيروت، لن يكون كافياً لحمايتهم؟
...ولكن كل ذلك حصل، وتحوّل هذان المخيمان إلى شعلة أبدية، ترمز إلى الإرهاب الصهيوني، وتشهد عليه.
ولكن، في الوقت نفسه، أغمض العالم عينيه، مفسحاً في المجال أمام إرهابي صبرا وشاتيلا، أرييل شارون، ليتولى رئاسة وزراء كيان العدو، ويلقى الترحاب في دول العالم، حتى الدول التي يتوجب عليها أن تكون سنداً للشعب الفلسطيني وقضيته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل علموا أن الاتفاق، الذي تمّ بضمانات أمريكية، وأسفر عن جلاء المقاتلين الفلسطينيين عن بيروت، لن يكون كافياً لحمايتهم؟
...ولكن كل ذلك حصل، وتحوّل هذان المخيمان إلى شعلة أبدية، ترمز إلى الإرهاب الصهيوني، وتشهد عليه.
ولكن، في الوقت نفسه، أغمض العالم عينيه، مفسحاً في المجال أمام إرهابي صبرا وشاتيلا، أرييل شارون، ليتولى رئاسة وزراء كيان العدو، ويلقى الترحاب في دول العالم، حتى الدول التي يتوجب عليها أن تكون سنداً للشعب الفلسطيني وقضيته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجزرة صبرا وشاتيلا: أيام الموت الأسود
المكان: في صبرا وشاتيلا
الزمان: من الاربعاء 15 الى السبت 19 ايلول /سبتمبر1982م.
الأربعاء 15 أيلول/سبتمبر
الخامسة صباحا: الجيش الاسرائيلي يتقدم على اربعة محاور:
- من المطار الى مستديرة شاتيلا
- من السفارة الكويتية نحو الفاكهاني
- من المرفأ نحو فندق النورماندي
- من المتحف في اتجاه كورنيش المزرعة
أما الحجة التي تذرع بها الاسرائيليون فهي حماية السكان في بيروت الغربية من اعمال انتقامية محتملة تقوم بها الميليشيات بعد اغتيال بشير الجميل.
السادسة عصرا: الدبابات الاسرائيلية تتمركز عند المفارق الرئيسية كما تطوق صبرا وشاتيلا من الجنوب والغرب والشرق. الجهة الرابعة هي جهة حي الفاكهاني. أقام الجيش الاسرائيلي مقر قيادته في بناية من ثماني طبقات على بعد خمسين متر من المخيم.
الخميس 16 ايلول /سبتمبر
الخامسة صباحا: الطائرات الاسرائيلية تحلق مجددا في سماء بيروت الغربية فتلقي الرعب في نفوس السكان.
السابعة صباحا: الدبابات الاسرائيلية تتقدم في رأس بيروت والحمرا والمزرعة، وقد لقيت مقاومة شرسة من مقاتلي الحركة الوطنية في بعض النقاط. بدأت القذائف الاولى تتساقط فوق مخيمي صبرا وشاتيلا المحاصرين منذ الامس، وكانت تطلقها الدبابات المتمركزة في التلال المطلة على المنطقة. يراقب الاسرائيليون المخيم المنبسط أمامهم من مركز قيادتهم في أعلى الطبقات الثماني من المبنى القريب من السفارة الكويتية.
سكان المخيم يختبئون في منازلهم. عقد اجتماع ضم الشيوخ والوجهاء في المخيم وقرر هؤلاء الحكماء ارسال وفد الى الجيش الاسرائيلي ليوضح له أنه لم يعد هناك من مقاتلين في المخيمات، وان في امكان الجنود الاسرائيليين التأكد من ذلك بانفسهم، وانه لم يبق سوى المدنيين واكثريتهم من الشيوخ والنساء والاطفال. وقد ضم الوفد اربعة رجال طاعنين في السن، وتوجهوا الى السفارة الكويتية. لم يرهم احد بعد تلك الساعة. وجدت جثثهم بعد ايام بالقرب من السفارة. انهم: ابو محمد البرواني، 60 عاما، احمد حشمه، 64 عاما، ابو احمد سعيد، 65 عاما، بو سويد، 62 عاما.
الثالثة بعد الظهر: تكثيف القصف على صبرا وشاتيلا، والسكان ينزلون الى الملاجئ. في بعض الملاجئ يتكدس اكثر من 300 شخص، والبعض الاخر يلجأ الى مستشفى عكا.
الخامسة بعد الظهر: ازدياد القصف. في مستشفى عكا اقترح احدهم ارسال وفد من النساء والاطفال. لم يكونوا على علم بالمبادرة السابقة، ولا بمصير الوفد. هذا الوفد قاده سعيد، العامل المصري في محطة الوقود، ومعه نحو خمسين امراة وطفلا يحملون العلم الابيض متجهين الى مركز القيادة الاسرائيلية. هؤلاء ايضا لم يعودوا.
الخامسة والدقيقة الثلاثون بعد الظهر: شاحنات وسيارات جيب محملة بالمسلحين في الزي العسكري تمر امام ثكنة هنري شهاب التي يسيطر عليها الجيش اللبناني. يتجهون نحو المخيم، وسرعان ما يلاحظهم اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في "بئرحسن" والذين ارتعبوا من رؤيتهم وطلبوا تفسيرات من المركز العسكري الاسرائيلي، فقيل لهم ان لا داعي للقلق، وان عليهم العودة الى منازلهم. لم يطمئنوا وفضلوا تمضية الليل في بناية مهجورة غير بعيدة.
السادسة عصرا: العناصر المسلحة الاولى تتسلل الى حي عرسال جنوبي المدينة الرياضية. انهم مسلحون بالفؤوس والسكاكين، يدخلون البيوت ويقتلون من يجدون داخلها. لا يسمع اطلاق نار. السكان لا يجرؤون على الخروج من بيوتهم، او من الملاجئ بسبب الرشقات المتفرقة والقصف. العناصر المسلحة تتقدم ببطء زارعة الموت وراءها. اجتازت الشارع الرئيسي ودخلت منطقة الحرج. اجبرت الناس على الخروج من الملاجئ، وفصلت الرجال عن النساء والاطفال. اوقفت الضحايا صفا على امتداد الجدران واطلقت النار عليهم.
الثامنة مساء: ارخى الليل سدوله، والسماء بيضاء بسبب مئات القنابل المضيئة. تسمع رشقات غامضة المصدر، لكن لا احد يجرؤعلى الخروج. القناصة يطلقون النار على كل شيء يتحرك. وحدهم الجرحى يحاولون الوصول الى مستشفى عكا.
وصل الجرحى في الليل ورووا ان ثمة مجزرة في المخيم. وهم في معظمهم مصابون برصاص اطلق عليهم عن قرب. في هذه الاثناء يتدفق الجرحى بالعشرات على مستشفى غزة ويخبرون كيف ان المسلحين يقتلون المدنيين، رجالا ونساء واطفالا. تقول الطبيبة السنغافورية "سوي شاي انج" ان نحو ثلاثين قضوا قبل التمكن من اسعافهم. تم اسعاف اكثر من مئة، واجريت لبعضهم عمليات جراحية في المستشفى. وقد ارسل اخرون الى مستشفى المقاصد. طوال الليل وبلا كلل، واصل الفريق الطبي في مستشفى غزة الاهتمام بالجرحى الذين كانوا يصلون في موجات متتالية. من جهة اخرى امتلأ المستشفى باللاجئين الفارين من المجازر. كان هناك نحو الفين منهم مكدسين في الممرات، وفي الطبقة السفلية، وعند المدخل.
الزمان: من الاربعاء 15 الى السبت 19 ايلول /سبتمبر1982م.
الأربعاء 15 أيلول/سبتمبر
الخامسة صباحا: الجيش الاسرائيلي يتقدم على اربعة محاور:
- من المطار الى مستديرة شاتيلا
- من السفارة الكويتية نحو الفاكهاني
- من المرفأ نحو فندق النورماندي
- من المتحف في اتجاه كورنيش المزرعة
أما الحجة التي تذرع بها الاسرائيليون فهي حماية السكان في بيروت الغربية من اعمال انتقامية محتملة تقوم بها الميليشيات بعد اغتيال بشير الجميل.
السادسة عصرا: الدبابات الاسرائيلية تتمركز عند المفارق الرئيسية كما تطوق صبرا وشاتيلا من الجنوب والغرب والشرق. الجهة الرابعة هي جهة حي الفاكهاني. أقام الجيش الاسرائيلي مقر قيادته في بناية من ثماني طبقات على بعد خمسين متر من المخيم.
الخميس 16 ايلول /سبتمبر
الخامسة صباحا: الطائرات الاسرائيلية تحلق مجددا في سماء بيروت الغربية فتلقي الرعب في نفوس السكان.
السابعة صباحا: الدبابات الاسرائيلية تتقدم في رأس بيروت والحمرا والمزرعة، وقد لقيت مقاومة شرسة من مقاتلي الحركة الوطنية في بعض النقاط. بدأت القذائف الاولى تتساقط فوق مخيمي صبرا وشاتيلا المحاصرين منذ الامس، وكانت تطلقها الدبابات المتمركزة في التلال المطلة على المنطقة. يراقب الاسرائيليون المخيم المنبسط أمامهم من مركز قيادتهم في أعلى الطبقات الثماني من المبنى القريب من السفارة الكويتية.
سكان المخيم يختبئون في منازلهم. عقد اجتماع ضم الشيوخ والوجهاء في المخيم وقرر هؤلاء الحكماء ارسال وفد الى الجيش الاسرائيلي ليوضح له أنه لم يعد هناك من مقاتلين في المخيمات، وان في امكان الجنود الاسرائيليين التأكد من ذلك بانفسهم، وانه لم يبق سوى المدنيين واكثريتهم من الشيوخ والنساء والاطفال. وقد ضم الوفد اربعة رجال طاعنين في السن، وتوجهوا الى السفارة الكويتية. لم يرهم احد بعد تلك الساعة. وجدت جثثهم بعد ايام بالقرب من السفارة. انهم: ابو محمد البرواني، 60 عاما، احمد حشمه، 64 عاما، ابو احمد سعيد، 65 عاما، بو سويد، 62 عاما.
الثالثة بعد الظهر: تكثيف القصف على صبرا وشاتيلا، والسكان ينزلون الى الملاجئ. في بعض الملاجئ يتكدس اكثر من 300 شخص، والبعض الاخر يلجأ الى مستشفى عكا.
الخامسة بعد الظهر: ازدياد القصف. في مستشفى عكا اقترح احدهم ارسال وفد من النساء والاطفال. لم يكونوا على علم بالمبادرة السابقة، ولا بمصير الوفد. هذا الوفد قاده سعيد، العامل المصري في محطة الوقود، ومعه نحو خمسين امراة وطفلا يحملون العلم الابيض متجهين الى مركز القيادة الاسرائيلية. هؤلاء ايضا لم يعودوا.
الخامسة والدقيقة الثلاثون بعد الظهر: شاحنات وسيارات جيب محملة بالمسلحين في الزي العسكري تمر امام ثكنة هنري شهاب التي يسيطر عليها الجيش اللبناني. يتجهون نحو المخيم، وسرعان ما يلاحظهم اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في "بئرحسن" والذين ارتعبوا من رؤيتهم وطلبوا تفسيرات من المركز العسكري الاسرائيلي، فقيل لهم ان لا داعي للقلق، وان عليهم العودة الى منازلهم. لم يطمئنوا وفضلوا تمضية الليل في بناية مهجورة غير بعيدة.
السادسة عصرا: العناصر المسلحة الاولى تتسلل الى حي عرسال جنوبي المدينة الرياضية. انهم مسلحون بالفؤوس والسكاكين، يدخلون البيوت ويقتلون من يجدون داخلها. لا يسمع اطلاق نار. السكان لا يجرؤون على الخروج من بيوتهم، او من الملاجئ بسبب الرشقات المتفرقة والقصف. العناصر المسلحة تتقدم ببطء زارعة الموت وراءها. اجتازت الشارع الرئيسي ودخلت منطقة الحرج. اجبرت الناس على الخروج من الملاجئ، وفصلت الرجال عن النساء والاطفال. اوقفت الضحايا صفا على امتداد الجدران واطلقت النار عليهم.
الثامنة مساء: ارخى الليل سدوله، والسماء بيضاء بسبب مئات القنابل المضيئة. تسمع رشقات غامضة المصدر، لكن لا احد يجرؤعلى الخروج. القناصة يطلقون النار على كل شيء يتحرك. وحدهم الجرحى يحاولون الوصول الى مستشفى عكا.
وصل الجرحى في الليل ورووا ان ثمة مجزرة في المخيم. وهم في معظمهم مصابون برصاص اطلق عليهم عن قرب. في هذه الاثناء يتدفق الجرحى بالعشرات على مستشفى غزة ويخبرون كيف ان المسلحين يقتلون المدنيين، رجالا ونساء واطفالا. تقول الطبيبة السنغافورية "سوي شاي انج" ان نحو ثلاثين قضوا قبل التمكن من اسعافهم. تم اسعاف اكثر من مئة، واجريت لبعضهم عمليات جراحية في المستشفى. وقد ارسل اخرون الى مستشفى المقاصد. طوال الليل وبلا كلل، واصل الفريق الطبي في مستشفى غزة الاهتمام بالجرحى الذين كانوا يصلون في موجات متتالية. من جهة اخرى امتلأ المستشفى باللاجئين الفارين من المجازر. كان هناك نحو الفين منهم مكدسين في الممرات، وفي الطبقة السفلية، وعند المدخل.
تابع لأيام المجزة
الجمعة 17 ايلول/سبتمبر
الخامسة صباحا: عند الفجر عاد الى مستشفى عكا بعض النسوة اللواتي كن في عداد الوفد، وكانت شعورهن منفوشة وثيابهن ممزقة بعد ان تعرضن للاغتصاب. وقد قتل العدد الاكبر منهن امام السفارة الكويتية على يد المسلحين. فرغ المستشفى في لحظات، اذ فر من لجأ اليه، ولم يبق سوى الاطباء والممرضين وعدد من الجرحى.
الثامنة والدقيقة الثلاثون صباحا: قتلت ثلاث نساء امام مستشفى عكا. احداهن جرّت نفسها الى المستشفى وقام الممرضون، تحت وابل من الرصاص، بسحب الجثث من الشارع.
الحادية عشرة ظهرا: نادى اثنان من المسلحين على المساعدة الاجتماعية النرويجية ،آن سوندي، وامروها باخراج جميع الاجانب العاملين في مستشفى عكا. فتم بالقوة جمع الفريق الطبي الاجنبي بأكمله: فرنسيين وفيليبينية ونرويجية ومصري وفنلندية وسريلانكية، واجباره على السير حتى مدخل شاتيلا. رافقه ايضا طبيب الاطفال الفلسطيني سامي الخطيب، وبقيت في المستشفى ممرضة نرويجية واخرى استرالية للاهتمام بخمسة اطفال رضع مصابين بالشلل. عند مدخل المخيم، كان السكرتير الاول في السفارة النرويجية ينتظرهم، فاصطحب معه في السيارة حاملي الجنسية النرويجية، وقصد المستشفى لجلب الاطفال. تم اطلاق سائر اعضاء الفريق الطبي باستثناء الطبيب سامي الخطيب، الذي اعيد الى المستشفى حيث اعدم مع طبيب فلسطيني اخر بقي في المستشفى هو الطبيب علي عثمان. ومن الضحايا الاخرين ممرضة فلسطينية في العشرين من عمرها هي انتصار اسماعيل التي اغتصبت وقتلت، وكذلك الطباخ الفلسطيني الذي قتل مع موظفين اخرين.
بعد مغادرة الاطباء دخل المسلحون المستشفى وراحوا يستجوبون الجرحى. اقتيد جريح شاب في الخامسة عشرة من العمر، هو مفيد اسعد، الى خارج المستشفى حيث اطلقت عليه رصاصة اصابته في عنقه وضرب بالفأس.
في هذه الاثناء كانت المجزرة مستمرة داخل المخيم حيث تمت تصفية عائلات بكامل افرادها من دون تمييز. وكان بينها عدة عائلات لبنانية. فعائلة المقداد اللبنانية من البقاع فقدت 39 من افرادها، معظمهم من النساء والاطفال، وبينهم نساء حوامل: زينب المقداد كانت في الشهر الثامن من حملها، والهام المقداد في الشهر التاسع، ووفاء المقداد في الشهر السابع. كما وجدت ثلاث نساء دون الثلاثين من العمر مقطعات، وقد بقرت بطونهن واخرجت الاجنة ورمي بها بالقرب منهن. زينب ام لستة اولاد، ووفاء ام لاربعة. اما ابنة الهام البالغة من العمر سبعة اعوام، فقد تعرضت للاغتصاب قبل قتلها.
تمت، بكل وحشية، تصفية المحتمين ببعض الملاجئ التي احتشد فيها نحو مئتي شخص، كما جردوا مما في الجيوب ومن الساعات والعقود واقراط الاذان.
وبدأت الجرافات بالعمل: تحمل الجثث وترميها في مقابر جماعية تم حفرها لهذا الغرض، او تهدم مباني لدفن الجثث تحت ركامها.
الثانية عشرة ظهرا: نجح مدير الهلال الاحمر الفلسطيني في الاتصال بمركز الصليب الاحمر الدولي في شارع الحمرا، وطلب تأمين الحماية لمستشفى غزة وللمدنيين المحتمين به، كما طالب بفريق طبي بديل من الفريق الذي انهكه العمل المتواصل طوال 24 ساعة. لكن لم يكن هناك اي استجابة لا من الصليب الاحمر ولا من مستشفى المقاصد الذي تم الاتصال به ايضا، وذلك خوفا من القذائف التي كان الاسرائيليون يسقطونها على تلك الطريق. عاد الهلال الاحمر الفلسطيني وحده الى المستشفى.
الخامسة بعد الظهر: سيارات الاسعاف التابعة للصليب الاحمر الدولي تدخل مخيم شاتيلا جالبة المساعدة للفريق الطبي في مستشفى غزة ( طبيبان وممرضان)، اضافة الى الاغذية والاغطية. وأخرجوا معهم من هم في حالة خطر. وقد حاول بعض النساء عبثا تسليمهم بعض الاطفال، لكن الاجلاء لم يطل سوى الجرحى.
الثامنة مساء: ارخى الليل سدوله والقنابل المضيئة تنير السماء من جديد. بيروت الغربية باكملها باتت تحت سيطرة الاسرائيلية. السيارات المدينة التابعة لاجهزة الاستخبارات الاسرائيلية تجوب المدينة، وقد قامت بالعشرات من عمليات الاعتقال. لا تواصل عمليا بين الضاحية الجنوبية حيث المخيمات وبين سائر انحاء المدينة. والحواجز الاسرائيلية ترد كل من تجرأ على العبور الى تلك النواحي على اعقابه. بدأت اخبار المجازر تنتشر، لكن لم يكن هناك امكان للتأكد منها.
الخامسة صباحا: عند الفجر عاد الى مستشفى عكا بعض النسوة اللواتي كن في عداد الوفد، وكانت شعورهن منفوشة وثيابهن ممزقة بعد ان تعرضن للاغتصاب. وقد قتل العدد الاكبر منهن امام السفارة الكويتية على يد المسلحين. فرغ المستشفى في لحظات، اذ فر من لجأ اليه، ولم يبق سوى الاطباء والممرضين وعدد من الجرحى.
الثامنة والدقيقة الثلاثون صباحا: قتلت ثلاث نساء امام مستشفى عكا. احداهن جرّت نفسها الى المستشفى وقام الممرضون، تحت وابل من الرصاص، بسحب الجثث من الشارع.
الحادية عشرة ظهرا: نادى اثنان من المسلحين على المساعدة الاجتماعية النرويجية ،آن سوندي، وامروها باخراج جميع الاجانب العاملين في مستشفى عكا. فتم بالقوة جمع الفريق الطبي الاجنبي بأكمله: فرنسيين وفيليبينية ونرويجية ومصري وفنلندية وسريلانكية، واجباره على السير حتى مدخل شاتيلا. رافقه ايضا طبيب الاطفال الفلسطيني سامي الخطيب، وبقيت في المستشفى ممرضة نرويجية واخرى استرالية للاهتمام بخمسة اطفال رضع مصابين بالشلل. عند مدخل المخيم، كان السكرتير الاول في السفارة النرويجية ينتظرهم، فاصطحب معه في السيارة حاملي الجنسية النرويجية، وقصد المستشفى لجلب الاطفال. تم اطلاق سائر اعضاء الفريق الطبي باستثناء الطبيب سامي الخطيب، الذي اعيد الى المستشفى حيث اعدم مع طبيب فلسطيني اخر بقي في المستشفى هو الطبيب علي عثمان. ومن الضحايا الاخرين ممرضة فلسطينية في العشرين من عمرها هي انتصار اسماعيل التي اغتصبت وقتلت، وكذلك الطباخ الفلسطيني الذي قتل مع موظفين اخرين.
بعد مغادرة الاطباء دخل المسلحون المستشفى وراحوا يستجوبون الجرحى. اقتيد جريح شاب في الخامسة عشرة من العمر، هو مفيد اسعد، الى خارج المستشفى حيث اطلقت عليه رصاصة اصابته في عنقه وضرب بالفأس.
في هذه الاثناء كانت المجزرة مستمرة داخل المخيم حيث تمت تصفية عائلات بكامل افرادها من دون تمييز. وكان بينها عدة عائلات لبنانية. فعائلة المقداد اللبنانية من البقاع فقدت 39 من افرادها، معظمهم من النساء والاطفال، وبينهم نساء حوامل: زينب المقداد كانت في الشهر الثامن من حملها، والهام المقداد في الشهر التاسع، ووفاء المقداد في الشهر السابع. كما وجدت ثلاث نساء دون الثلاثين من العمر مقطعات، وقد بقرت بطونهن واخرجت الاجنة ورمي بها بالقرب منهن. زينب ام لستة اولاد، ووفاء ام لاربعة. اما ابنة الهام البالغة من العمر سبعة اعوام، فقد تعرضت للاغتصاب قبل قتلها.
تمت، بكل وحشية، تصفية المحتمين ببعض الملاجئ التي احتشد فيها نحو مئتي شخص، كما جردوا مما في الجيوب ومن الساعات والعقود واقراط الاذان.
وبدأت الجرافات بالعمل: تحمل الجثث وترميها في مقابر جماعية تم حفرها لهذا الغرض، او تهدم مباني لدفن الجثث تحت ركامها.
الثانية عشرة ظهرا: نجح مدير الهلال الاحمر الفلسطيني في الاتصال بمركز الصليب الاحمر الدولي في شارع الحمرا، وطلب تأمين الحماية لمستشفى غزة وللمدنيين المحتمين به، كما طالب بفريق طبي بديل من الفريق الذي انهكه العمل المتواصل طوال 24 ساعة. لكن لم يكن هناك اي استجابة لا من الصليب الاحمر ولا من مستشفى المقاصد الذي تم الاتصال به ايضا، وذلك خوفا من القذائف التي كان الاسرائيليون يسقطونها على تلك الطريق. عاد الهلال الاحمر الفلسطيني وحده الى المستشفى.
الخامسة بعد الظهر: سيارات الاسعاف التابعة للصليب الاحمر الدولي تدخل مخيم شاتيلا جالبة المساعدة للفريق الطبي في مستشفى غزة ( طبيبان وممرضان)، اضافة الى الاغذية والاغطية. وأخرجوا معهم من هم في حالة خطر. وقد حاول بعض النساء عبثا تسليمهم بعض الاطفال، لكن الاجلاء لم يطل سوى الجرحى.
الثامنة مساء: ارخى الليل سدوله والقنابل المضيئة تنير السماء من جديد. بيروت الغربية باكملها باتت تحت سيطرة الاسرائيلية. السيارات المدينة التابعة لاجهزة الاستخبارات الاسرائيلية تجوب المدينة، وقد قامت بالعشرات من عمليات الاعتقال. لا تواصل عمليا بين الضاحية الجنوبية حيث المخيمات وبين سائر انحاء المدينة. والحواجز الاسرائيلية ترد كل من تجرأ على العبور الى تلك النواحي على اعقابه. بدأت اخبار المجازر تنتشر، لكن لم يكن هناك امكان للتأكد منها.
تابع لأيام المجزة الرهيبة
السبت 18 ايلول /سبتمبر
السادسة والدقيقة الثلاثون صباحا: اقتحم افراد الميليشيا مستشفى غزة وامروا الفريق الطبي الاجنبي بالمغادرة. فاقتيد جميع الاطباء والممرضين (سويديان، فنلندي، دانماركي، اربعة المان، ثلاثة هولنديين، اربعة بريطانيين، اميركيان، ايرلندية، فرنسية) الى مدخل مخيم شاتيلا. حاول احد التقنيين الفلسطينيين العاملين في المختبر مرافقتهم، لكنه اوقف واقتيد خلف احد الجدران، ثم سمع صوت طلق ناري بعد فترة. في اليوم التالي وجدت جثته في المكان نفسه. يؤكد الطبيب "بيير ميشلومشاغن" الاختصاصي النروجي بتقويم الاعضاء:" رأينا الجرافات تدمر البيوت وتدفن الجثث تحت الركام."
يقول الجراح البريطاني بول موريس ان من المستحيل عدم رؤية ما كان يحدث في المخيم من مركز القيادة الاسرائيلي.
اقتيدت المجموعة بأكملها الى مركز تجمع القوى المهاجمة في مبنى الامم المتحدة بالقرب من السفارة الكويتية، حيث اخضع افرادها للاستجواب قبل ان يسلموا للاسرائيليين.
السابعة صباحا: بدأ المسلحون افراغ مخيم شاتيلا وحي صبرا ممن بقى فيهما من السكان. في الليلة السابقة كانت مجموعة من الرجال حاولت يائسة الدفاع عند مدخل صبرا لجهة سينما الشرق، واوفقوا تقدم عناصر الميليشيا عند السوق. كانت مكبرات الصوت تدعو العائلات الى الخروج من منازلها والتجمع في الشارع الرئيسي. فيخرج المدنيون في هذا الحي، بأغليبتهم، يلوحون بالاعلام البيض . هكذا وصل الى الشارع الرئيسي الذي يجتاز الحي ما بين الفين وثلاثة الاف شخص ليكتشفوا انهم امام ميليشيات لبنانية تابعة لحزب الكتائب او لسعد حداد. كذلك شاهدوا الجثث المرمية في الشوارع والتي لا تحصى. لكنهم لم يعودوا قادرين على التراجع. ثم اقتيد الجميع في صفوف نحو المدخل الجنوبي لمخيم شاتيلا. اكتشفوا المقابر الجماعية على امتداد الشارع الرئيسي والشوارع المتفرعة منه. وفي منتصف الطريق، فصلوا الرجال عن النساء والاطفال فبدأت النساء يولولن، لكن عدة رشقات اسكتتهن. المسيرة تتقدم، لكن من وقت الى اخر يتم اقتياد بعض الرجال امام احد الجدران وتطلق النار عليهم. الجرافات تعمل. بضربة واحدة تنهار اعمدة المبنى فيسقط الركام ليدفن الجثث تحته. بالقرب من السفارة الكويتية ومقر القيادة لاسرائيلية ازيلت البيوت، ولم يبق سوى مقبرتين جماعيتين على جانبي الطريق. من هناك اعطي الامر بالتقدم نحو المدينة الرياضية. لا للجميع، اذ تم اختيار بعض الرجال واصعدوا الى شاحنتين متوقفتين امام السفارة الكويتية. لا مكان للجميع، فيطلب من الفائض النزول ارضا وعدم النظر في الاتجاه الذي سلكته الشاحنتان. ثم طلب منهم الالتحاق بالبقية في المدينة الرياضية، وقد تعرضوا في الطريق للضرب والاهانات على انواعها. انفجر بعض الالغام في الطريق فاوقع قتلى وجرحى، واستغل اخرون الفرصة للفرار. ابتداء من المستديرة الواقعة بالقرب من السفارة الكويتية، تسلم الجيش الاسرائيلي الاسرى واقتادهم الى المدينة الرياضية حيث تم فرز اللبنانيين من الفلسطينيين. اقتيد الشبان الفلسطينيين الى الغرف الموجودة تحت المدرجات، وبقي مصير الكثير منهم مجهولا. بعد ايام وجد المسعفون جثثا لا يمكن التعرف على اصحابها المقيدين من ايديهم وارجلهم، وهي في حالة تحلل متقدم. وقد امكن التعرف على بعضهم من خلال ثيابهم. وتعرف اطباء مستشفى غزة على جثة طفل كان في المستشفى حتى يوم الجمعة 17 ايلول /سبتمبر بين الساعة العاشرة والحادية عشرة. وكانت المدينة الرياضية في ذلك الوقت تحت السيطرة الكاملة للجيش الاسرائيلي. اما الذي نقلوا بالشاحنات فظل مصيرهم مجهولا.
يوم السبت
توافد الصحافيون والمصورون. واذ صدمهم رعب المشهد راحوا يلتقطون صور المجزرة الجماعية واكوام الجثث المنتفخة والتي تصفرّ وهي تشوى تحت اشعة الشمس الحارقة. وكانت اثار تقطيع الاعضاء، والحبال التي قيدتها، والثياب الممزقة، وفروات الرؤوس، وفقأ العيون، تشهد كلها على العنف واعمال التعذيب التي رافقت المجزرة. حتى الاحصنة اعدمت. وكانت رائحة لا تطاق تنتشر في المكان، بينما النساء هائمات زائغات بحثا عن ابن او زوج او طفل. كان بعض الجثث مرميا هناك منذ ثلاثة ايام، والمطلوب عملية دفن بسرعة. لا وقت لعد الجثث، او للتعرف على اصحابها. فشرعت فرق الاسعاف التابعة لكل من الصليب الاحمر الدولي والصليب الاحمر اللبناني والدفاع المدني والكشاف المسلم والجيش اللبناني، في العمل. تم حفر حفرة كبيرة، وقرئت الفاتحة على عجل فوق أشلاء لم يتم التعرف على اصحابها، وفوق جثث مقطعة ستبقى بلا اسماء الى الابد. كم كان عددها؟ لن يعرف ابدا. لم يحدث اي تنسيق بين فرق الاسعاف، فالهول والخوف جعلا الامور تجري باكبر سرعة ممكنة. المشهد لم يكن يطاق.
من جهة اخرى، كان هناك اولئك الذين لم يعثر على جثثهم ودفنوا تحت ركام المنازل المدمرة والتي جرفت بواسطة الجرافات التي كانت تدك المخيم، واولئك الذين رميت جثثهم في مقابر جماعية جرفها مرتكبو المجزرة. بعد ظهر يوم الجمعة كان احد الصحافيين النرويجيين التقى جرافة تحمل في رفشها كتلة من الجثث. لم تنبش الحفر التي رميت فيها هذه الجثث. وهي قد تبقى مدفونة الى الابد تحت البنايات الجديدة التي هي في قيد الانشاء حاليا في جنوب المخيم. هناك اخيرا اولئك الذين نقلوا بالشاحنات ووجد قسم من جثثهم بين بيروت والدامور، في الاوزاعي وخلده والناعمة وحارة الناعمة والجية والدامور... وهي امكنة لم يخاطر المسعفون بالبحث فيها بسبب وجود الجيش الاسرائيلي.
السادسة والدقيقة الثلاثون صباحا: اقتحم افراد الميليشيا مستشفى غزة وامروا الفريق الطبي الاجنبي بالمغادرة. فاقتيد جميع الاطباء والممرضين (سويديان، فنلندي، دانماركي، اربعة المان، ثلاثة هولنديين، اربعة بريطانيين، اميركيان، ايرلندية، فرنسية) الى مدخل مخيم شاتيلا. حاول احد التقنيين الفلسطينيين العاملين في المختبر مرافقتهم، لكنه اوقف واقتيد خلف احد الجدران، ثم سمع صوت طلق ناري بعد فترة. في اليوم التالي وجدت جثته في المكان نفسه. يؤكد الطبيب "بيير ميشلومشاغن" الاختصاصي النروجي بتقويم الاعضاء:" رأينا الجرافات تدمر البيوت وتدفن الجثث تحت الركام."
يقول الجراح البريطاني بول موريس ان من المستحيل عدم رؤية ما كان يحدث في المخيم من مركز القيادة الاسرائيلي.
اقتيدت المجموعة بأكملها الى مركز تجمع القوى المهاجمة في مبنى الامم المتحدة بالقرب من السفارة الكويتية، حيث اخضع افرادها للاستجواب قبل ان يسلموا للاسرائيليين.
السابعة صباحا: بدأ المسلحون افراغ مخيم شاتيلا وحي صبرا ممن بقى فيهما من السكان. في الليلة السابقة كانت مجموعة من الرجال حاولت يائسة الدفاع عند مدخل صبرا لجهة سينما الشرق، واوفقوا تقدم عناصر الميليشيا عند السوق. كانت مكبرات الصوت تدعو العائلات الى الخروج من منازلها والتجمع في الشارع الرئيسي. فيخرج المدنيون في هذا الحي، بأغليبتهم، يلوحون بالاعلام البيض . هكذا وصل الى الشارع الرئيسي الذي يجتاز الحي ما بين الفين وثلاثة الاف شخص ليكتشفوا انهم امام ميليشيات لبنانية تابعة لحزب الكتائب او لسعد حداد. كذلك شاهدوا الجثث المرمية في الشوارع والتي لا تحصى. لكنهم لم يعودوا قادرين على التراجع. ثم اقتيد الجميع في صفوف نحو المدخل الجنوبي لمخيم شاتيلا. اكتشفوا المقابر الجماعية على امتداد الشارع الرئيسي والشوارع المتفرعة منه. وفي منتصف الطريق، فصلوا الرجال عن النساء والاطفال فبدأت النساء يولولن، لكن عدة رشقات اسكتتهن. المسيرة تتقدم، لكن من وقت الى اخر يتم اقتياد بعض الرجال امام احد الجدران وتطلق النار عليهم. الجرافات تعمل. بضربة واحدة تنهار اعمدة المبنى فيسقط الركام ليدفن الجثث تحته. بالقرب من السفارة الكويتية ومقر القيادة لاسرائيلية ازيلت البيوت، ولم يبق سوى مقبرتين جماعيتين على جانبي الطريق. من هناك اعطي الامر بالتقدم نحو المدينة الرياضية. لا للجميع، اذ تم اختيار بعض الرجال واصعدوا الى شاحنتين متوقفتين امام السفارة الكويتية. لا مكان للجميع، فيطلب من الفائض النزول ارضا وعدم النظر في الاتجاه الذي سلكته الشاحنتان. ثم طلب منهم الالتحاق بالبقية في المدينة الرياضية، وقد تعرضوا في الطريق للضرب والاهانات على انواعها. انفجر بعض الالغام في الطريق فاوقع قتلى وجرحى، واستغل اخرون الفرصة للفرار. ابتداء من المستديرة الواقعة بالقرب من السفارة الكويتية، تسلم الجيش الاسرائيلي الاسرى واقتادهم الى المدينة الرياضية حيث تم فرز اللبنانيين من الفلسطينيين. اقتيد الشبان الفلسطينيين الى الغرف الموجودة تحت المدرجات، وبقي مصير الكثير منهم مجهولا. بعد ايام وجد المسعفون جثثا لا يمكن التعرف على اصحابها المقيدين من ايديهم وارجلهم، وهي في حالة تحلل متقدم. وقد امكن التعرف على بعضهم من خلال ثيابهم. وتعرف اطباء مستشفى غزة على جثة طفل كان في المستشفى حتى يوم الجمعة 17 ايلول /سبتمبر بين الساعة العاشرة والحادية عشرة. وكانت المدينة الرياضية في ذلك الوقت تحت السيطرة الكاملة للجيش الاسرائيلي. اما الذي نقلوا بالشاحنات فظل مصيرهم مجهولا.
يوم السبت
توافد الصحافيون والمصورون. واذ صدمهم رعب المشهد راحوا يلتقطون صور المجزرة الجماعية واكوام الجثث المنتفخة والتي تصفرّ وهي تشوى تحت اشعة الشمس الحارقة. وكانت اثار تقطيع الاعضاء، والحبال التي قيدتها، والثياب الممزقة، وفروات الرؤوس، وفقأ العيون، تشهد كلها على العنف واعمال التعذيب التي رافقت المجزرة. حتى الاحصنة اعدمت. وكانت رائحة لا تطاق تنتشر في المكان، بينما النساء هائمات زائغات بحثا عن ابن او زوج او طفل. كان بعض الجثث مرميا هناك منذ ثلاثة ايام، والمطلوب عملية دفن بسرعة. لا وقت لعد الجثث، او للتعرف على اصحابها. فشرعت فرق الاسعاف التابعة لكل من الصليب الاحمر الدولي والصليب الاحمر اللبناني والدفاع المدني والكشاف المسلم والجيش اللبناني، في العمل. تم حفر حفرة كبيرة، وقرئت الفاتحة على عجل فوق أشلاء لم يتم التعرف على اصحابها، وفوق جثث مقطعة ستبقى بلا اسماء الى الابد. كم كان عددها؟ لن يعرف ابدا. لم يحدث اي تنسيق بين فرق الاسعاف، فالهول والخوف جعلا الامور تجري باكبر سرعة ممكنة. المشهد لم يكن يطاق.
من جهة اخرى، كان هناك اولئك الذين لم يعثر على جثثهم ودفنوا تحت ركام المنازل المدمرة والتي جرفت بواسطة الجرافات التي كانت تدك المخيم، واولئك الذين رميت جثثهم في مقابر جماعية جرفها مرتكبو المجزرة. بعد ظهر يوم الجمعة كان احد الصحافيين النرويجيين التقى جرافة تحمل في رفشها كتلة من الجثث. لم تنبش الحفر التي رميت فيها هذه الجثث. وهي قد تبقى مدفونة الى الابد تحت البنايات الجديدة التي هي في قيد الانشاء حاليا في جنوب المخيم. هناك اخيرا اولئك الذين نقلوا بالشاحنات ووجد قسم من جثثهم بين بيروت والدامور، في الاوزاعي وخلده والناعمة وحارة الناعمة والجية والدامور... وهي امكنة لم يخاطر المسعفون بالبحث فيها بسبب وجود الجيش الاسرائيلي.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى